للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: (قياس الدلالة)، وهو: قياس يجمع فيه بين الفرع والأصل بدليل العلة، ليدل اشتراكهما فيه على اشتراكهما في العلة. ففي هذا النوع من القياس لا تذكر العلة صراحة، بل يجمع بين الفرع والأصل بوصف جامع لا يكون علة للحكم، لا في نفس الأمر، ولا في نظر المجتهد، لأنه إما ملزوم العلة أو أثرها أو حكمها فأما الجمع بملزوم العلة - فكالجمع بين النبيذ والخمر بالرائحة المشتدة المطربة، كأن يقال: (النبيذ ذو رائحة شديدة مطربة كالخمر: فيحرم) فالعلة هي (الإسكار)، ولكن الرائحة المشتدة ملزوم للإسكار، ومثال الجمع بأثر العلة: إلحاق القتل بالمثقل بالقتل بالمحدد في وجوب القصاص بجامع (الإثم) في كل منهما: كأن يقال: (القاتل بالمثقل آثم كالقاتل بالمحدد، فيجب عليه القصاص). فالإثم أثر العلة التي هي القتل العمد العدوان.

ومثال الجمع بحكم العلة: الحكم بحياة شعر المرأة قياسا على سائر شعر بدنها بجامع حله بالنكاح، وحرمته بالطلاق.

وكقولهم بجواز رهن المشاع قياسا على جواز بيعه بجامع جواز البيع.

وتقول الشافعية والحنابلة بوجوب الزكاة في مال الصبي قياسا على مال البالغ بجامع أنه مال نام.

الثالث: (قياس المعنى)، أو (القياس الذي في معنى الأصل)، وهو: أن يجمع بين الفرع والأصل بنفي الفارق بينهما. وهذا عند من يسميه قياسا كالإمام الشافعي (١) وإلا فالأكثرون يسمونه بتنقيح المناط (٢).

الرابع: (قياس الشبه)، وقد اختلفوا في تفسيره، كما اختلفوا في حجيته ففسره القاضي أبو يعلى: بأنه القياس الخفي، (٣) وقال في موضع آخر: إنه المتردد بين أصلين (٤)، وهو نفس التفسير المنقول عن الإمام أبي يوسف - صاحب أبي حنيفة (٥).


(١) انظر الرسالة.
(٢) انظر روضة الناظر.
(٣) المسودة (٣٧٤).
(٤) المرجع نفسه (٣٧٥).
(٥) انظر روضة الناظر (٣١٢).