فالله تعالى أمر عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالعدل، فلا يعدلوا عنه يمينا ولا شمالا، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا يصرفهم عنه صارف، وأن يكونوا متعاونين متناصرين فيه (١) وفي قوله تعالى: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} إشارة إلى أن الهوى أكبر صارف عن الصدق في القول، وأنه يكون على صنوف شتى، كحب الذات، وحب الأهل والأقربين، والعطف على الفقير - في موطن الشهادة والحكم -، ومجاملة الغني، ومضارته، والتعصب للعشيرة والقبيلة والأُمّة والدولة والوطن، وغيرها من الأهواء التي نهى الله تعالى عباده المؤمنين عن التأثر بها، والعدول عن الحق والصدق تحت تأثيرها. ولعظم هذا الأمر وشدة خطورته ذكر بعده سبحانه وتعالى التهديد والإنذار والوعيد من تحريف الشهادة، وعاقبة الإعراض عن هذا التوجيه فيها، فقال سبحانه:{وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} ليتذكر المؤمن أن الله خبير بما يعمل، ويستشعر ماذا وراء هذا من تهديد خطير. قال السعدي: [وفي هذا تهديد شديد للذي يلوي أو يعرض، ومن باب أولى وأحرى الذي يحكم بالباطل أو يشهد بالزور، لأنه أعظم
(١) انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٥٦٥، والصدق في القرآن الكريم (٢١٢). ') ">