للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإتيان بها على وجه كمال واجباتها، والإحسان في ترك المحرمات: الانتهاء عنها وترك ظاهرها وباطنها، والإحسان في الصبر على المقدورات: البر عليها من غير تسخط ولا جزع، والإحسان في معاملة الخلق ومعاشرتهم: القيام بما أوجب الله من حقوقهم، والإحسان في قتل ما يجوز قتله من الدواب: إزهاق نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها وأرجاها، من غير زيادة في التعذيب، فإنه إيلام لا حاجة إليه (١) فإذا حقق العامل هذه المعاني العظيمة فهذا دليل على صدق عمله، ومجاهدته المستمرة على إرادته بعمله وجه الله تعالى. أما المرائي بعمله فهو الذي يجتهد في أعماله الظاهرة ولكنها على خلاف ما في باطنه (٢)

فخُلُق الصدق في الأعمال لا يتحقق إلا بثمن، ولا يصير خُلُقًا إلا بتضحية ومجاهدة طويلة وشاقة، إنه خُلُق لا يتحمله إلا المخلص المتجرد لله تعالى، الذي يُضَحّي في سبيل ذلك بكل حظوظ النفس ومُتَع الحياة، وإلى ذلك أشار سبحانه وتعالى بقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}


(١) انظر التحفة الربانية شرح الأربعين النووية (٣٠). ') ">
(٢) انظر إحياء علوم الدين ٤/ ٣٩٠، والصدق في القرآن الكريم (٢٢٧). ') ">