وقد بين شيخ الإسلام أن بعض مسائل الاعتقاد لا يجب معرفتها على جميع المسلمين؛ لأن ذلك فيه فتنة لبعضهم لعدم اتساع مداركهم لفهمها، فقال:" ومما يتصل بذلك أن المسائل الخبرية العلمية قد تكون واجبة الاعتقاد، وقد تجب في حال دون حال، وعلى قوم دون قوم، وقد تكون مستحبة غير واجبة، وقد تكون معرفتها مضرة لبعض الناس، فلا يجوز تعريفها بها، كما قال علي رضي الله عنه: " حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ ". وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " ما من رجل يحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان فتنة لبعضهم". وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه لمن سأله عن قوله تعالى "{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}، فقال: " ما يؤمنك أني لو أخبرتك بتفسيرها لكفرت؟ وكفرك تكذيبك بها، وقال لمن سأل عن قوله تعالى:{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} هو يوم أخبر الله به، الله أعلم به. وقد بوب البخاري بابا عنوانه: باب من ترك بعض الأخبار مخافة أن يقصر فهم بعض
(١) رواه الترمذي، باب مناقب علي بن أبي طالب، جامع الأصول ٨/ ٦٥٣.