للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبو حنيفة اعتبر كمال الإفطار بمقصود تتشوف النفس إليه، فإن هذه عقوبة بإزاء جناية فتتأثر بما يؤثر في إثارة باعثه التشوف، فساعده الشافعي والإمام أحمد عليه، وزادا فاعتبرا كونه جماعا.

فهذه وجوه من التصرفات معقولة من مورد الشرع، إذ فهم أن الكفارة منوطة بنوع جناية، وفهم مناسبتها وتأثيرها، فحكم التأثير في إلغاء القيود وإبقائها.

٢ - القسم الثاني-من أقسام تنقيح المناط -: ما عرف بالإضافة اللفظية بصيغة التسبيب من الترتيب بقاء التعقيب وترتيب الجزاء على الشرط كما سيأتي في مسالك (الإيماء).

مثال المرتب بالفاء، قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب (١)».

ومثال المرتب بصيغة الجزم والشرط قوله عليه الصلاة والسلام: «من أعتق شركا له في عبد قوم عليه الباقي (٢)».

فالولوغ -في الحديث الأول- مقيد عن الكروع وغيره، والكلب قيد عن سائر الحيوانات حتى الخنزير، والإناء قيد عن الثوب وغيره، وقوله: (فليغسله) قيد عن فعل آخر: من الفرك والتشمس وغيره، وقيد من غسل غير صاحب الإناء، وقوله: (سبعا) قيد عن سائر الأعداد سواه. وقوله: (إحداهن بالتراب) قيد عن الصابون والأشنان وغيره.

فنظر المجتهدين وتصرفهم -في هذه القيود- تنقيح للمناط.

وأما الحديث الثاني - فقوله: (أعتق) قيد عن سائر التصرفات الأخرى: كالبيع والطلاق وغيرها. وقوله: (شركا) قيد عن نصف العبد المستخلص، والبعض المعتق من العبد، وقوله: (له) قيد عن إعتاقه ملك غيره، وقوله: (في عبد) قيد عن الأمة.

وهذه القيود منها المعتبر ومنها الملغي.

٣ - القسم الثالث: ما عرف مناط الحكم فيه بحدوث حكم عقيب أمر حادث يعلم على الجملة: أن الحادث موجبه، ثم ينظر في تنقيح قيوده: كالحكم بلزوم الوضوء بخروج


(١) صحيح البخاري الوضوء (١٧٢)، صحيح مسلم الطهارة (٢٧٩)، سنن الترمذي الطهارة (٩١)، سنن النسائي المياه (٣٣٨)، سنن أبو داود الطهارة (٧٣)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٣٦٣)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٨٢)، موطأ مالك الطهارة (٦٧).
(٢) صحيح البخاري العتق (٢٥٢٢)، صحيح مسلم العتق (١٥٠١)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٤٦)، سنن النسائي البيوع (٤٦٩٩)، سنن أبو داود العتق (٣٩٤٠)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٥٢٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١١٢)، موطأ مالك العتق والولاء (١٥٠٤).