للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعضها معتبر، وبعضها مختلف فيه، والبحث في الإلغاء والإبقاء على تأثيرات معقولة من مورد الشرع.

والمجتهد ينظر فيها: فما عرف كونه مؤثرا أو مؤيدا لتأثير الأصل أبقاه وما علم أنه لا مدخل له في اقتضاء الحكم ألغاه.

فمن الأوصاف المذكورة يعتبر البلوغ: فلا كفارة على صبي جامع في نهار رمضان، لأن الشرع اعتبر الصبا مؤثرا في إسقاط العقوبات. وأما العبد فيلحق به من ناحية، وهو كالحر المعسر، لأنهما يستويان في التكليف، وليس للرق تأثير في إفساد العبادات.

وأما المرأة فملحقة في قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي بالرجل، وإن لم يتعرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما على قول الشافعي الآخر فتختلف عنه، لأن للأنوثة تأثيرا في إسقاط الغرامات المالية المتعلقة بالجماع: كالمهر وثمن ماء الغسل وغيره (١). وأما القيود في حق المحل وهي المرأة: فلا تأثير للحرمة ولا للمحل قطعا: فالأمة والأجنبية في معنى المنكوحة الحرة، إذ لم يعرف للنكاح والمحل مدخل في إيجاب الكفارة: فالتحق ذلك بالأوصاف التي لا مدخل لها في التأثير، ولا في تأييد المؤثر.

وأما جماع الميتة والبهيمة والإتيان في غير المأتى فهو في محل النظر: فالشافعي -رحمه الله- يوجب الكفارة، فإنه قضاء شهوة بالجماع بخلاف الإنزال بين الغضون والأفخاذ فإن ذلك ليس جماعا.

وأبو حنيفة يقول: هذا يسمى جماعا مجازا وليس المحل محل الشهوة في الأصل إلا في حق المضطر: فلا تتعدى إليه الكفارات.

وأما قيود العبادة فهي مرعية.

وأما الجماع -نفسه- فقد ذهب مالك -رحمه الله- إلى حذف قيوده، وأوجب بابتلاع الحصاة، وقال: الجناية من حيث كان إفسادا والكل مفسد، موجب للقضاء مفوت لفضيلة الوقت.


(١) راجع شفاء الغليل (٤١٩).