ومن خلال فتوحات دولة الخلفاء الراشدين. وبيان ذلك كما يلي:
أولا: الحرب من خلال السيرة النبوية (١)
إن كثيرا من مسائل القتال في الإسلام يحتاج إلى معرفة منهج نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم فيها. ومعلوم أن أوائل الغزوات كانت ضد العدو الأكبر للمسلمين وهم مشركو قريش.
فيجوز وصف السريا والغزوات التي كانت تتعرض لقوافل قريش ونحوها بأنها كانت للدفاع ضد العدوان، كما يجوز وصفها بأنها بدء الكفار بالقتال.
فهي ضد العدوان باعتبار أسبقية قريش إعلان الحرب على
(١) راجع هذا في: الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، محمد هيكل، ص ٥٠٦ - ٥٢٤. وللعلم فهناك عدد من الدراسات التي تحدثت عن أحكام الحرب والجهاد في الإسلام، ولكن - في رأيي - أن أهم وأفضل هذه الكتب: (الجهاد والقتال في السياسة الشرعية)، لـ محمد خير هيكل، فهو ليس مجرد كتاب، بل هو موسوعة إسلامية في أحكام الحرب، بلغت صفحاتها ألفي صفحة إلا قليلا. وهو مثال يستحق الثناء لما تكون عليه الدراسات العلمية العميقة، والتي لا يتضح من مؤلفها ميله المسبق إلى رأي في المسألة، أو عدم تحكمه بعواطفه فيها، بل يفسح المجال للقارئ بحرية أن يختار قولا، مع جودة في حصر الأدلة وأقوال العلماء ومناقشتها. وفي ظني أن مثل هذه الدراسة تحتاج إلى قرينة لها، وهي بحث هذه المسائل في كتب المصنفات والآثار والأجزاء التي أُلفت في قضايا معينة، ككتب الأموال أو الخراج، وكتب البلدان أو الفتوح.