للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين في المدينة ويصح وصف تلك السرايا والغزوات أيضا بأنها بدء من المسلمين للكفار بالقتال، باعتبار أن قريشا وإن عادت المسلمين واضطهدتهم لكنها لم تبدأ باستخدام الحرب العسكرية، بل كان المسلمون هم من بدأ بالتعرض لقوافل قريش، لكن لا يمكن أن يُسمى هذا بداية، حيث إن البداية لا يلزم منها أن تكون عسكرية، بل مجرد إعلان العداء والاضطهاد هو إيذان بالبدء للحرب.

وهكذا نجد الغزوات ضد قريش تتأرجح بين الحالة الدفاعية وبين ما يمكن أن نسميه إيذانا بأنه حالة من الهجوم.

كما نجد أيضًا ما يمكن تصنيفه كحرب هجومية، ومن ذلك حرب بني قريظة، لكنها كانت جزاء لجماعة يهودية على عدم الوفاء بالعهود والمواثيق، حيث نقضوا معاهدتهم مع المسلمين، وتكالبوا مع أعداء المدينة، مع سريان معاهدة الحماية المشتركة للمدينة بينهم وبين المسلمين (١) ومثل ذلك فتح مكة عندما نقضت قريش المعاهدة مع النبي صلى الله عليه وسلم (٢) وعلى هذا فيمكن أن تُصنف هذه الحروب بأنها دفاعية.


(١) سيأتي تفصيل أكثر لذلك في المبحث الثالث / المطلب الثاني: معارضات حول موقف الإسلام من جرائم الحرب / تحت عنوان: المثال الثاني: قتل الذكور من يهود بني قريظة.
(٢) راجع: البداية والنهاية، ابن كثير ٤/ ٢٧٨، من رواية ابن إسحاق بسنده. وراجع للتوسع: السيرة النبوية، مهدي رزق الله، ص ٥٥٧.