(٢) راجع هذا في: الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، محمد هيكل، ص ٥٧٠ - ٥٧٦. ') "> (٣) عندما نتكلم عن الإسلام في جانبه السياسي والذي كان يمثل الإسلام الشرعي؛ فهو يتمركز أكثر ما يتمركز في عهد الخلفاء الراشدين الأربعة (أبو بكر، عمر، عثمان، علي) رضي الله عنهم، ولذا يرى عموم المسلمين أن تشريعاتهم السياسية كانت - في الجملة- تُمثل تشريعات للدول الإسلامية بعدها. وأما ما بعد الخلفاء الراشدين فليس هناك تزكية عامة لهم، فمنهم الصالح ومنهم غير ذلك، بل منهم من لا يمثل الإسلام في نظر علماء المسلمين. وهذا التفريق اهتدى له بعض المستشرقين، وبعضهم ضل عنه، ولذا نجد أن الجهل بهذا التقسيم يُفرز لنا أخطاء في معرفة موقف الإسلام من عدد من القضايا. فنجد مثلا بعض المستشرقين يتحدث عن "إكراه ديني" مارسه بعض المسلمين إما من جهة إكراه غير المسلمين على الإسلام، كما حصل في عهد الدولة الفاطمية، أو من خلال عدم رغبة بعض الخلفاء (غير الراشدين) بكثرة دخول غير المسلمين للإسلام، حتى لا تنقص الجزية وتقل أموال الدولة كما حصل في بعض الدول الإسلامية المختلفة. وهنا يتبين لنا التفريق بين أفعال رجل السياسة، وبين ما يمكن أن يُجعل من دائرة أحكام الإسلام، فالإكراه على الدين كما فعل بعض الفاطميين في فترة من الفترات، لا يمكن أن يكون ذلك مقبولا في منهج الإسلام كشريعة، ولذا فالشريعة ترفضه، لكن الجاهل بهذا الأمر لا يفرق بين الإسلام وبين أفعال المنتسبين إليه. ومن جهة أخرى نجد أن عددًا من المستشرقين والمفكرين قد يثني على السماحة والتعددية في الإسلام بدليل أن كثيرا من اليهود والنصارى كانوا وزراء وأناسًا نافذين ولهم قيادات في الدولة الإسلامية (راجع مثلا: قصة الحضارة، ول ديورانت ١٣/ ١٣٢، الحضارة العربية، جاك ريسلر، ص ١٥٤)، مع أن المنهج عند العديد من فقهاء المسلمين عموما يمنع ذلك، بل جعلوا ذلك من رقة الدين التي كانت عند أولئك الخلفاء. قال الدردير المالكي: (وأما البلد التي اختطها المسلمون كالقاهرة فلا يجوز الإحداث فيها باتفاق كما يأتي، لكن ملوك مصر لضعف إيمانهم وحبهم الفاني مكنوهم من ذلك) الشرح الكبير، الدردير ٢/ ٢٠٤.