جاء في سبب نزول الآية أنه «مرّ رجل من بني سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غنم له، فسلم عليهم، قالوا: ما سلم عليكم إلا ليتعوّذ منكم، فقاموا فقتلوه وأخذوا غنمه، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية»(١)
قال ابن سعدي: (يأمر تعالى عباده المؤمنين، إذا خرجوا جهادا في سبيله، وابتغاء مرضاته أن يتبينوا، ويتثبتوا في جميع أمورهم المشتبهة ... فإن التثبيت في هذه الأمور، يحصل فيه من الفوائد الكثيرة، والكف عن شرور عظيمة ... كما جرى لهؤلاء الذين عاتبهم الله في الآية، لما لم يتثبتوا، وقتلوا من سلّم عليهم، وكان معه غنيمة له أو مال غيره، ظنا أنه يستكفي بذلك قتلهم، وكان هذا خطأ في نفس الأمر فلهذا عاتبهم بقوله:{وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} أي: فلا يحملنكم العرض الفاني القليل، على ارتكاب ما لا ينبغي، فيفوتكم ما عند الله من الثواب الجزيل الباقي، فما عند الله خير وأبقى .. ثم قال تعالى مذكرا لهم بحالهم الأولى، قبل هدايتهم إلى الإسلام:{كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} أي: