فقال عكرمة: والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص، لا ينجيني في البر غيره، اللهم إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا صلى الله عليه وسلم حتى أضع يدي في يده، فلأجدنه عفوا كريما، فجاء فأسلم. وأما عبد الله بن سعد بن أبي السرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم، قال يا رسول الله بايع عبد الله، قال: فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى. فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله، فقالوا: وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك، هلا أومأت إلينا بعينك، قال: إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين» (١)
وليس المهم هنا التفاصيل الدقيقة لمصير هؤلاء؛ إنما المراد الإشارة إلى سعة قبول النبي صلى الله عليه وسلم لإسلام الشعوب حتى ولو أبدوا عداوة كبرى، فإن هذا لا يمنع أن يكونوا من المسلمين ويحسن إسلامهم. فعكرمة لما أسلم حسُن إسلامه وأصبح كاتبا للوحي القرآني عند النبي صلى الله عليه وسلم، وحسبك بها من فضيلة وقرب.