للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغلبة.

وأما ما نُقل عن بعض الفقهاء من صور في معنى الصغار؛ فهي مما استقبحه العلماء وأنكروه، ومن ذلك ما نقله " تقي الدين الحصني الشافعي " عن بعضهم: (وتؤخذ على وجه الصغار والإهانة؛ بأن يكون الذمي قائمًا، والمسلم جالسًا، ويأمره أن يخرج يده من جيبه، ويحني ظهره، ويطأطئ رأسه، ويصب ما معه في كفة الميزان، ويأخذ المستوفي بلحيته، ويضرب في لهزمته، وفي مجمع اللحم بين الماضغ والأذن!)، ثم ذكر" الحصني " تعقيب " النووي " على ذلك بقوله: (قال الجمهور تؤخذ برفق كأخذ الديون. فالصواب الجزم ببطلانها [أي تلك الصفات] وردها على من اخترعها، ولم ينقل أنه عليه الصلاة والسلام ولا أحد من الخلفاء الراشدين فعل شيئا منها).

ثم نقل عن الرافعي قوله: (والأصح عند الأصحاب تفسير الصغار بالتزام أحكام الإسلام وجريانها عليهم، وقالوا: أشد الصغار على المرء؛ أن يُحكم عليه بما لا يعتقده، ويضطر إلى احتماله) (١)

ولما ذكر ابن القيم صورًا شبيهة ذكرها الفقهاء، عقّب بقوله: (وهذا كله مما لا دليل عليه، ولا هو مقتضى الآية، ولا نقل عن رسول الله، ولا عن الصحابة أنهم فعلوا ذلك. والصواب في الآية: أن الصغار هو التزامهم لجريان أحكام الملة عليهم، وإعطاء الجزية، فإن التزام


(١) كفاية الأخيار، تقي الدين الحصني ١/ ٥١١. ') ">