للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابتداء، وكما مر بنا سابقا، فإن الإسلام أكرمَ جنس الإنسان، وإن كان يرى أن المسلم خير من غير المسلم. ومما لا شك فيه أن غلبة المسلمين لغيرهم، وطلبهم الجزية؛ فيه إذلال لمن يدفعها، وهو ما يحصل في كل فترات التاريخ. والأمة التي لا تقبل الإسلام؛ جُعل لها بدلا من قتالها وإكراهها على الدين أن تدفع الجزية، وهذا في حقيقته ليس عزا للمغلوبين، لانتفاء الاختيار في الامتناع عنها إلا بحرب المسلمين. وهو الخيار الذي ربما لا تريده تلك الأمم.

وهنا نشير إلى معنى هذه الآية عند بعض علماء المسلمين (١) (٢)

أما تفسير قوله: (عَنْ يَدٍ)، فقال ابن حجر: (أي عن طيب نفس، وكل من أطاع لقاهرٍ وأعطاه عن طيب نفس من يد؛ فقد أعطاه عن يد. وقيل معنى قوله: (عَنْ يَدٍ) أي: نعمة منكم عليهم، وقيل: يعطيها من يده ولا يبعث بها) (٣)

وأما الأمر بالصغار الوارد في قوله: {وَهُمْ صَاغِرُونَ}، فهو معنى لا يمكن أن يتنافى مع ما رأيناه في أقوال النبي صلى الله عليه وسلم من وجوب البر والعدل، وحرمة الظلم والعنت، وهو ما فهمه علماء الإسلام. ففسره الشافعي بأن تجري عليهم أحكام الإسلام، أي العامة منها، فالجزية علامة على خضوع الأمة المغلوبة للخصائص العامة للأمة


(١) راجع للتوسع: غير المسلمين في المجتمع المسلم، منقذ السقار، ص ٥٠.
(٢) راجع للتوسع: غير المسلمين في المجتمع المسلم، منقذ السقار، ص ٥٠. ') ">
(٣) فتح الباري ٦/ ٢٥٩. ') ">