للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عهد الخلفاء الراشدين الأربعة - كانت تلك المظالم دائما ما تُقابل بالرفض من الضمير الخلقي للمجتمع المسلم، وكان العلماء يجابهونها في تلك الأحيان. وعلى كل فليس هناك ما يدل على كونها أكثر أو أشيع من حوادث الظلم التي تقع من السلطات الجائرة على المسلمين أنفسهم (١)

ولما قام أحد خلفاء بني أمية وهو " الوليد بن يزيد " بإجلاء نصارى قبرص مخافة أن يعينوا الروم، قام ضده علماء الإسلام. يقول في ذلك " إسماعيل بن عياش ": فاستفظع ذلك المسلمون، واستعظمه الفقهاء، فلما ولي يزيد بن الوليد ردهم إلى قبرص، فاستحسن المسلمون ذلك من فعله، ورأوه عدلاً (٢)

وهكذا فقد كان المسلمون يملكون قانونا واضحا في مجتمعاتهم التي كانت تحوي غيرهم، يعبّر عن ذلك " غوستاف لوبون ": (وكانت الطريق التي يجب على الخلفاء (الأولين) أن يسلكوها واضحة، فعرفوا كيف يحجمون عن حمل أحد بالقوة على ترك دينه، وعرفوا كيف يبتعدون عن إعمال السيف فيمن لم يسلم، وأعلنوا في كل مكان أنهم يحترمون عقائد الشعوب وأعرافها وعاداتها، مكتفين بأخذهم - في مقابل حمايتهم - جزية زهيدة تقلُّ عما كانت تدفعه


(١) التسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب، صالح الحصين، ص ١١٧. ') ">
(٢) فتوح البلدان، البلاذري، ص ١٦١. ') ">