للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد كان خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم يراعون أحوال غير المسلمين من العدل وعدم الظلم، ولئن كانت الجزية مقدارا قليلا من المال؛ إلا أن الخلفاء الراشدين كانوا يخافون من أي ظلم يحصل من أخذها. فلما جاء لعمر مال الجزية قال لمن جاء بها: إني لأظنكم قد أهلكتم الناس، قالوا: لا والله ما أخذنا إلا عفوا صفوا، قال: بلا سوط ولا نوط؟ قالوا: نعم، قال: الحمد لله الذي لم يجعل ذلك على يدي ولا في سلطاني (١)

وكان الخليفة الرابع من خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوصي أحد ولاته حول غير المسلمين من أهل الذمة، ويقول: (انظر إذا قدمت عليهم فلا تبيعن لهم كسوة شتاء ولا صيف، ولا رزقا يأكلونه، ولا دابة يعملون عليها، ولا تضربن أحدا منهم سوطا واحدا في درهم، ولا تقمه على رجله في طلب درهم، ولا تبع لأحد منهم عرضا في شيء من الخراج، فإنا إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو. فإن أنت خالفت ما أمرتك به؛ يأخذك الله به دوني، وإن بلغني عنك خلاف ذلك عزلتك) (٢)

وعندما كانت تقع حوادث ظلم لأهل الذمة من ذوي النفوذ الجائر بين وقت وآخر - وهو ما حدث في بعض الدول التي تلت


(١) الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام (٩٩). ') ">
(٢) الخراج، لأبي يوسف، ص ١٧. ') ">