للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرصاص متفاضلا قياسا على الذهب والفضة) (١).

كما نقل أبو الخطاب في التمهيد أقوال الإمام أحمد هذه، وأضاف أن الإمام قد ذكر القياس في كثير من مسائله (٢).

وهذه النقول وكثير غيرها نجدها في كتب أصولي الحنابلة تؤكد احتجاج الإمام أحمد -رحمه الله- بالقياس شأنه في ذلك شأن جمهور أهل السنة فمن أين جاءت شبهة عدم الاحتجاج بالقياس التي نسبها البعض إلى الإمام أحمد؟.

لقد نقل أئمة الحنابلة عن الإمام أحمد قوله: (يجتنب المتكلم في الفقه هذين الأصلين المجمل والقياس) (٣) وذلك في رواية الميموني كما نقل أبو الحارث عنه - وقد ذكر أهل الرأي وردهم للحديث، فقال: (ما تصنع بالرأي والقياس وفي الأثر ما يغنيك عنه) (٤) هاتان العبارتان هما أصل شبهة أن الإمام أحمد لا يحتج بالقياس.

ونحن نرى أن هذين القولين لا يثيران خيالا فضلا عن شبهة أو ظن بأن الإمام أحمد لا يحتج بالقياس، وذلك لأن عبارته الأولى ظاهرة بأنها لا تعدو أن تكون نصيحة أوتوجيها منه رحمه الله لمن يتصدى للكلام في الفقه وإفتاء الناس أن يتجنب الكلام المجمل والكلام الذي يمكن القياس عليه عند المستفتي العامي لئلا يندفع العامة في هذا السبيل فيخرجون من القياس إلى الحكم بالتشهي لأدنى مشابهة.

وأما الثاني فظاهر في أنه في القياس الذي يكون في مسائل فيها سنة وأثر تغني عنه.

قال أبو الخطاب: (. . . وقد تأوله شيخنا على أن المراد به استعمال القياس في معارضة السنة والظاهر خلافه) (٥).

وقال المجد (. . . وهذا لا يدل على أنه ليس بحجة، وإنما يدل على أنه لا يجوز استعماله مع النص، ولا يعارض الأخبار إذا كانت خاصة أو منصوصة) (٦).


(١) راجع المسودة: (٣٦٩، ٣٧١ - ٣٧٢).
(٢) انظر التمهيد: (٢/ ١٥٠ - آ) مخطوطة الظاهرية.
(٣) انظر المسودة: (٣٧٢)، والتمهيد: (٢/ ١٥٠ - آ).
(٤) المسودة الموضع السابق
(٥) انظر التمهيد الموضع السابق
(٦) المسودة: (٣٧٣).