للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما أن المعتمد في إثبات القياس عمل الصحابة - رضوان الله عليهم ولم يثبت أنهم تمسكوا بالشبه (١).

أما الأئمة - فإن الإمام الشافعي -رحمه الله- قد اعتد بهذا النوع من القياس، فقال: والقياس قياسان: أحدهما أن يكون في مثل معنى الأصل، فذلك لا يحل لأحد خلافه، ثم قياس أن يشبه الشيء بالشيء من الأصل، والشيء من الأصل غيره، فيشبه هذا بهذا الأصل، ويشبه غيره بالأصل غيره.

قال الشافعي: وموضع الصواب فيه عندنا -والله تعالى أعلم- أن ينظر، فأيهما كان أولى بشبهه صيره إليه: إن أشبه أحدهما في خصلتين، والآخر في خصلة ألحقه بالذي هو أشبه في خصلتين) (٢).

وفي الرسالة قال: (. . والقياس من وجهين: أحدهما أن يكون الشيء في معنى الأصل، فلا يختلف القياس فيه، وأن يكون الشيء له في الأصول أشباه، فذلك يلحق بأولاها به وأكثرها شبها فيه. وقد يختلف القايسون في هذا) (٣).

وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- في قياس الشبه فروى أنه صحيح ويحتج به، والثانية: أنه غير صحيح ولا يحتج به (٤).

والقاضي أبو يعلى اعتبر هذا القياس من قبيل القياس الخفي، ولذلك فإنه بعد أن تكلم عن القياس الواضح، شرع في الكلام عن القياس الخفي، فقال: (. . . إنه قياس غلبة الشبه) (٥) ومثل له بأن يتجاذب الحادثة أصلان لكل واحد منهما أوصاف خمسة والحادث لا يجمع الخمسة، بل بعضها، فيلحق بأكثرها شبها، وبسط القول في ذلك.

قال المجد ابن تيمية: وفي مثل ذلك نص الشافعي، ثم نقل أقوال المخالفين فيه كأبي إسحاق المروزي والحنفية والقاضي والباقلاني.


(١) هذا مذهب القاضي الباقلاني فراجع المحصول: (٢ / ق٢/ ٢٨٠ - ٢٨١).
(٢) انظر الأم -باب اجتهاد الحاكم-: (٧/ ٩٤) ط الفنية.
(٣) الرسالة: (٤٧٩) الفقرة (١٣٣٤).
(٤) راجع الروضة: (٣١٤).
(٥) العدة: (٢٠٣ - ٢٠٤) مخطوطة