للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم نقل المجد قول القاضي أبي يعلى: (. . . المتردد بين الأصلين يجب إلحاقه بأحد الأصلين، وهو أشبههما به، وأقربهما إليه.

ثم قال المجد من قال: (. . . قياس غلبة الشبه كما فسره القاضي حجة) فلا كلام، لكن يرد عليه التسوية بين الشيئين في الحكم مع العلم بافتراقهما في بعض الصفات المؤثرة، وإنما فعلوه لضرورة إلحاق الفرع بأحد الأصلين، فألحقوه بالأشبه، كما تفعل القافة بالولد.

ومن قال: ليس بحجة فقد يحكم فيه بحكم ثالث مأخوذ من الأصلين، وهو طريقة الشبهتين، فيعطيه بعض حكم هذا وبعض حكم هذا، كما فعله أحمد في ملك العبد، وكذا مالك، وهذا كثير في مذهب مالك وأحمد - مثل تعلق الزكاة بالعين أو الذمة، والوقف هل هو ملك لله تعالى أو للموقوف عليه، ونحو ذلك. وطريقة الشبهين ينكرها كثير من أصحاب الشافعي وأحمد.

ثم قال: والأشبه أنه إن أمكن استعمال الشبهين، وإلا ألحق بأشبههما به (١).

فيمكن القول -إذن- بأن الحنابلة يأخذون بالقياس بأنواعه كالجمهور، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك ولكنهم في قياس الشبه -الذي هو نوع من أنواع القياس- لهم عن الإمام أحمد روايتان: الأول: أنه حجة ويعمل به. وهي التي انتصر لها القاضي أبو يعلى ورجحها، ومال إليها المجد ابن تيمية، وسماها (طريقة الشبهين).

الثانية: أنه ليس بحجة، وليس من القياس، لأنه ليس فيه أصل، لأنه متردد بين أصلين فلا تتحقق فيه التسوية بين الفرع والأصل.

طه جابر فياض العلواني


(١) وراجع المسودة: (٣٧٤ - ٣٧٦).