يشكل بيئة مناسبة للجنوح والانحراف الفكري والسلوكي، بسبب الحرمان الواقع علي تلك الفئات والناجم عن التفاوت الشديد بين الطبقات، حيث يمثل ذلك نوعا من المقاومة السلبية " (١) ولذلك كان حريًا بأبناء الإسلام إن أرادوا تحقيق الأمن الفكري لمجتمعاتهم أن يحققوا بينهم التكافل الاقتصادي، ويحاربوا الفقر ليسدوا أمام أعداء الإسلام هذا الثغر فلا يؤتى الإسلام من قبله، ولذلك دعا القرآن الكريم إلى تداول الثروة بين الأغنياء والفقراء، ومحاربة العوز والفاقة كوسيلة لتحقيق الأمن الفكري، قال الله تعالى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
وإنما قدر الله هذا التقدير، وحصر الفيء في هؤلاء المعينين لـ {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً} أي: مدوالة واختصاصا {بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} فإنه لو لم يقدره، لتداولته الأغنياء الأقوياء، ولما حصل لغيرهم من العاجزين منه شيء، وفي ذلك من الفساد، ما لا يعلمه إلا الله، كما
(١) وانظر بحثًا للدكتور تيسير بن حسين السعيدين بعنوان: دور المؤسسات التربوية في الوقاية من الفكر المتطرف – ص ٣٥ بمجلة البحوث الأمنية – المجلد ١٤ – عدد ٣٠