للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أوفد لويس التاسع المعروف ب (الناسك) بعد ذلك بثلاث سنوات رجلا آخر وقد كتب الدكتور مصطفى طه بدر كتابا عنوانه: (مغول إيران بين المسيحية والإسلام)، وقد قرر في هذا الكتاب تعاون النصرانية البابوية مع المغول، في اجتياح بلاد المسلمين لمصالح النصرانية، ومن أجل انتزاع الأراضي المقدسة عندهم من أيدي المسلمين، وأثبت ذلك بأدلة قوية.

إن الوجود النصراني في بلاد الشام تضعضع بتوفيق الله ثم بسبب اليقظة التي بدأت تظهر، ثم بسبب وجود بعض العمالقة من رجالاتهم السياسيين من أمثال نور الدين الشهيد، وصلاح الدين الأيوبي، ثم بسبب قيام عدد من رجال الفكر والعلم والتوجيه بواجبهم.

وانهار هذا الوجود النصراني بعد معركة حطين وغيرها، عند ذاك فكر النصارى بأسلوب أكثر قوة وأشد عودا وأشنع وحشية وبربرية، فلم يجدوا إلا التتار، يقول الدكتور مصطفى طه بدر: (ومع أن المغول هددوا المسيحية في أوروبا كما هددوا الإسلام في الشرق، واجتاحوا أراضيها في روسيا وبولندا، ووصلوا حتى هنغاريا، وقتلوا، ونهبوا، وسبوا، وأنزلوا الرعب في قلوب المسيحيين هناك، إلا أن المسيحية ما لبثت غير قليل، حتى صحت من غفوتها، وزالت عنها الدهشة التي تملكتها، وفارقها الخوف والفزع، وفكرت في الاستفادة من المغول، خصوصا بعد أن رأت أن تيارهم قد وقف ولم يستقر لهم حال إلا في روسيا.

وقد اتجهت المسيحية نحو المغول، راغبة في استمالتهم، وعقد أواصر الصداقة معهم لكسبهم إلى المسيحية أولا وللاستعانة بهم ضد أعدائها المسلمين ثانيا.

والتاريخ يذكر لنا الشيء الكثير عن العلاقات التي قامت بين حكام المغول الأول من أبناء جنكيز خان، وبين الدول المسيحية على اختلافها، تلك العلاقات التي كان أثرها رحلات يوحنا الكربيني ووليم الروبريكي).