للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما جيش المسلمين فلم يذكر المؤرخون له عددا، وإن كان يرجح كثير من الباحثين أنه كان كبيرا أيضا، اعتمادا على قرائن عدة.

ولا بد من دراسة معركة شقحب على أنها حلقة من سلسلة الهجمات المغولية على ديار الإسلام.

لقد كان السبب الذي حرك المغول في معاركهم واحتلالاتهم واحدا، سواء كان فيما سبق سقوط بغداد أو كان بعدها.

فمن المعلوم أن بلاد المسلمين قد تعرضت إلى أخطار من جهة أوروبا النصرانية التي جيشت الجيوش، وسيرت الحملات الصليبية تلو الحملات، وجاءت هذه القوى الباغية المعتدية إلى ديار المسلمين، فعاثت في الأرض فسادا، وأهلكت الحرث والنسل، وانتهى بها الأمر إلى أن تقيم في قلب العالم الإسلامي دولا، منها إمارات الرها وأنطاكية، وبيت المقدس، وطرابلس.

واستمر وجود الصليبيين في بلاد المسلمين قرابة قرنين، وقد أدرك المسلمون خطورة بقاء هذه الإمارات الصليبية في بلادهم، واستيقظ وعيهم، فقامت حركة الجهاد، يذكيها علماء الأمة ومصلحوها، وتجاوب الناس معها، فكان توحيد الجبهة الإسلامية غرضا مهما وكان لنور الدين الشهيد محمود زنكي فضل كبير في تحقيق ذلك، وجاء من بعده صلاح الدين الأيوبي، فاستطاع أن يقطف ثمرة جهاد الرجل العظيم نور الدين، وانتصر في معركة حطين، واستطاع أن يطهر معظم بلاد الشام من رجس الصليبيين.

واسترد المسلمون بيت المقدس، وكل ما كان بأيدي النصارى من قلاع وحصون، ولم يبق للصليبيين إلا جيوب يسيرة في أنطاكية وطرابلس والساحل بين صور ويافا.

في هذا الوقت بالذات ظهرت حركة المغول في أقصى الشرق، بزعامة جنكيز خان.

ولقد ثبت بأدلة قاطعة أن حركة المغول هذه كانت بتحريض وتخطيط من الصليبيين المهزومين من ديار المسلمين، فقد كانت هناك اتصالات بين الفريقين قبل سنة ٦٥٦هـ (١٢٥٨م)، فقد أوفد البابا أنوسنت الرابع رجلا في مهمة سياسية إلى منغوليا سنة ٦٤٢هـ (١٢٤٥م).