للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [سورة البقرة: ٥٠].

فالتوكل كما أنه سبب لدفع الأذى عن النفس كذلك هو سبب لدفع الفقر وجلب الرزق، فلو توكل العبد على ربه توكلاً حقيقيًا، جامعًا لعلم القلب وعمله، وعمل بالجوارح، فإن الله يرزقه من حيث لا يحتسب, قال تعالى عن مريم: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} (سورة آل عمران: ٣٧) , والمؤمن الحق يثق ويعتمد بقلبه على الله، ويوقن أن الرزق بيده، قال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} (سورة الذاريات: ٢٢)، وقال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (سورة هود، آية: ٦)، وقال: أبو هريرة – رضي الله عنه -: عن إحدى بنات الحارث بن عامر (١) إنها قالت: (والله ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب (٢) قالت: والله


(١) الحارث بن عامر بن نوفل هو من بني نوفل بن عبد مناف وكان من المطعمين من قريش, انظر: السيرة النبوية: ٣ ٢١٧
(٢) خبيب بن عدي الأنصاري شهد بدرا وأسر يوم الرجيع في السرية التي خرج فيها في سبعة نفر فقتلوا وذلك في سنة ثلاث وأسر خبيب وزيد بن الدثنة وانطلق المشركون بهما إلى مكة فباعوهما على كفار قريش فخرجوا به من الحرم ليقتلوه فقال دعوني أصلي ركعتين ثم قال لولا أن يروا أن ما بي من جزع من الموت لزدت قال فكان أول من صلى ركعتين عند القتل هو ثم قال اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله. انظر: الاستيعاب /ابن عبد البر: ٢/ ٤٤٠ - ٤٤٢.