للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقضاء وطمأنينة النفس بذلك فذاك مرتبة عظمى، والبكاء بدون نياحة وصياح وصوت لا مانع منه، لكن لا ينبغي الإكثار منه، ففي الإكثار منه وجعله ديدن الإنسان، فيه شيء من التسخط على قضاء الله وقدره، ولكن بكاؤك أحيانًا من شدة الحزن والألم بدون صوت لا مانع منه، ويدل لذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين وكان ظئرًا لإبراهيم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأنت يا رسول الله، فقال: يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال صلى الله عليه وسلم: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» (١) أخرجه البخاري.

وأما إخبارك أهلك بمرضك فإن كان من باب الإخبار وبيان حالك فلا مانع منه، وإن كان من باب شكوى الخالق على المخلوق تقول: لماذا ربي ابتلاني بهذا المرض؟ ولماذا لم يبتل غيري؟ ولماذا لم يكن غيري مثلي في البلاء فذلك اعتراض على قضاء الله سبحانه، فشكاية الخالق على المخلوق أمر محرم شرعًا، وأمر خطير لا يليق


(١) صحيح البخاري الْجَنَائِزِ (١٣٠٣).