للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفضلكم؟) فلم يجبه أحد، فقال: (فأنا أنخلع منها)، فقال عثمان: (أنا أول من رضي)، فقال القوم (رضينا)، وعلي ساكت. فقال: (ما تقول يا أبا الحسن؟) قال: (أعطني موثقا لتؤثرن الحق ولا تتبع الهوى ولا تخص ذا رحم، ولا تألوا الأمة نصحا)، فقال: (أعطوني مواثيقكم على أن تكونوا معي على من بدل وغير، وأن ترضوا من اخترت لكم، وعلي ميثاق الله أن لا أخص ذا رحم لرحمه، ولا آلو المسلمين)، فأخذ منهم ميثاقا وأعطاهم مثله (١).

وفي رواية أخرى، أن عبد الرحمن حين قال لأصحاب الشورى: (هل لكم إلى أن أختار لكم وأتقصى منها؟)، فقال علي: (نعم، أنت أمين في أهل السماء وأمين في أهل الأرض) (٢) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (٣).

وبدأ بعلي فقال له: تقول: إني أحق من حضر بهذا الأمر لقرابتك وسابقتك، وحسن أثرك في الدين، ولم تبعد. ولكن، أرأيت لو صرف هذا الأمر عنك فلم تحضر، من كنت ترى من هؤلاء الرهط أحق به؟)، قال: عثمان).

وخلا بعثمان فقال: (تقول شيخ من بني عبد مناف، وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن عمه، ولي سابقة وفضل، فأين يصرف هذا الأمر عني؟ ولكن، لو لم تحضر، أي هؤلاء الرهط تراه أحق به؟)، قال: (علي).

ودار عبد الرحمن لياليه يلقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن وافى المدينة من أمراء الأجناد وأشراف الناس يشاورهم، حتى إذا كان الليلة التي صبيحتها يكمل الأجل الذي حدده عمر بن الخطاب ثلاثة أيام، دعا الزبير وسعدا، وبدأ بالزبير فقال له: (خل بني عبد مناف وهذا الأمر)، قال: (نصيبي لعلي). وقال لسعد: (اجعل نصيبك لي)، فقال: (إن اخترت نفسك فنعم، وإن اخترت عثمان، فعلي أحب إلي أيها الرجل! بايع لنفسك وأرحنا وارفع رءوسنا)، فقال له: (قد خلعت نفسي على أن أختار، ولو لم أفعل لم أردها).


(١) انظر التفاصيل في ابن الأثير (٣/ ٦٥ - ٦٩).
(٢) طبقات ابن سعد (٣/ ١٣٤)، والإصابة (٤/ ١٧٧)
(٣) أسد الغابة (٣/ ٣١٥)، وتهذيب الأسماء واللغات (١/ ٣٠١).