للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصدق به مرة ثبت له حكم الصدقة أبدًا لما جاز للفقير إذا تصدق عليه بشيء أن يبيعه من غني بل لا خلاف بين المسلمين أنها تنتقل عن حكم الصدقة إلى حكم البيع والهبة والميراث، فيرثها الغني عن مورثه الفقير وتصير إليه عنه بالهبة وغير ذلك من أنواع التمليك، ولا يكون لشيء من ذلك حكم الصدقة وإنما له حكم الوجه الذي نقل آخرًا. وبالله تعالى التوفيق "

الدليل الثالث:

ما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم (١) أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهداها المسكين للغني» (٢)

وجه الاستدلال:

أن الغني يحرم دفع الزكاة إليه، ومع ذلك يجوز له أن يأخذها إذا حصلت له بسبب آخر غير التصدق كالشراء والهدية ونحو ذلك؛ لأنه قد زال عنها حكم الصدقة، فكذلك الزوج أو الزوجة يحرم على كل منهما أخذ زكاة


(١) المراد بالغارم هنا: الرجل الذي يتحمل الحمالة لإصلاح ذات البين وإن كان غنيًّا فيعطى من الزكاة ما يقضي به دينه، وأما الغارم لنفسه فلا يدخل في هذا الغني لأنه من جملة الفقراء. ينظر: معالم السنن للخطابي ٢/ ٦٤.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه ٢/ ١٩٧ (١٦٣٦) ك: الزكاة، باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني، وابن ماجه في سننه ١/ ٥٨٩، ٥٩٠ (١٨٤١) ك: الزكاة، باب من تحل له الصدقة، وأحمد في مسنده ١٨/ ٩٦، ٩٧ (١١٥٣٨) وصححه شعيب الأرناؤوط في تعليقه، والحاكم في مستدركه ١/ ٥٦٤ (١٤٨١) ك: الزكاة، وقال: **هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه** ووافقه الذهبي في تلخيص، والبيهقي في سننه ٧/ ١٥ ك: الصدقات باب العامل على الصدقة يأخذ منها بقدر عمله وإن كان موسرًا، وصححه ابن الملقن في البدر المنير ٧/ ٣٨٢، والألباني في إرواء الغليل ٣/ ٣٧٧.