للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولما استخلف عثمان بن عفان سنة أربع وعشرين بعث تلك السنة على الحج عبد الرحمن بن عوف، فحج بالناس (١).

وكان ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية (٢)، وهو دليل على استعداده الطبيعي للخير قبل الإسلام.

وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقات بني كلب؛ لأنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم أحد منهم (٣)، وكان عليه الصلاة والسلام يفضل أن يولي أحد المسلمين من القبيلة صدقاتها، فهو أعرف بها من غيره، ومن الواضح أنه لا يمكن تولية مثل هذا المركز غير المسلم الصادق الأمين النزيه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يثق بإيمان عبد الرحمن، ويوكله إلى إيمانه (٤).

لقد كان عبد الرحمن من حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم (٥)، فلا عجب أن يكون على جانب عظيم من الورع والتقوى، وقد دخل الفضل بن العباس وأسامة بن زيد، فتكلم بعضهم، فدخل عبد الرحمن بن عوف أي أنهم دخلوا قبر النبي صلى الله عليه وسلم عند دفنه.

لقد كان بحق تعاليم الإسلام مجسدة في إنسان يمشي على الأرض ويأكل الطعام ويمشي في الأسواق بشرا سويا، فانتقل ورعه إلى غيره من المسلمين بالمثال الشخصي والقدوة الحسنة، فكان خير مثال وخير قدوة لا للذين عايشوه فحسب، بل لأجيال المسلمين كافة.


(١) طبقات ابن سعد (٣/ ١٣٤)، وتاريخ خليفة بن خياط (١/ ١٣٢) وانظر ابن الأثير (٣/ ٨٠).
(٢) تهذيب التهذيب (٦/ ٢٤٦)، والإصابة (٤/ ١٧٧).
(٣) أنساب الأشراف (١/ ٥٣٠ - ٥٣١).
(٤) الرياض النضرة (٢/ ٣٨٠ - ٣٨١).
(٥) المحبر (٤٧٤ - ٤٧٥).