الرسول القائد عليه أفضل الصلاة والسلام، فأسر في بعض تلك الغزوات أسرى من المشركين، وقتل منهم قتلى، وباشر القتال في الصفوف الأمامية، وثبت مع عدد قليل من المسلمين ثبتوا إلى جانب الرسول صلى الله عليه وسلم واستقتل في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصيب بأكثر من عشرين جرحا، أحدها في ثنيتيه فهتم، وفي رجله فعرج كل حياته، فكان أعرج بعد إصابته برجله يوم أحد شاهدا على ثباته العنيد ووساما على شجاعته وبطولته.
لقد أبلى بلاء حسنا في كل غزوة خاضها، وبخاصة غزوة أحد، وأبدى شجاعة نادرة في تلك الغزوة وفي غيرها من الغزوات، حتى أصبح معدودا من شجعان المسلمين المعدودين الذين يشار إليهم بالبنان، ويرشحون لقيادة السرايا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقيادة الجيوش بعد انتقاله عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى.
ولم يكن مجاهدا من الطراز الأول بنفسه فحسب، بل كان مجاهدا من الطراز الأول بماله أيضا، وقد ذكرنا جهاده بالمال نقدا وإبلا وخيولا، حتى نزلت فيه وفي عثمان بن عفان آية من آيات الذكر الحكيم كما ذكرنا ذلك في جهاده بالمال أيضا.
لقد كان ذكيا ألمعي الذكاء، آلفا مألوفا، يحب رجاله ويحبونه، ويثق بهم ويثقون به، ذا شخصية قوية متزنة، ملتزما بتعاليم الدين الحنيف في الحرب العادلة، فلا يغدر ولا يغل ولا ينقض عهدا ولا يقتل وليدا ولا امرأة ولا يعتدي على أحد، فكان يجاهد لإعلاء كلمة الله ولتكون كلمة الله هي العليا ولحماية الإسلام والمسلمين والدفاع عنهم وحماية حرية نشر العقيدة.
وكان ذا إرادة قوية ثابتة، يتحمل المسئولية ولا يلقيها على عواتق الآخرين أو يتهرب منها، له نفسية لا تتبدل في حالتي النصر والهزيمة، عارفا بنفسيات رجاله وطاقاتهم وقدراتهم وكفاياتهم، له ماض ناصع مجيد.
وكان عارفا بمبادئ الحرب، مطبقا لها: يختار مقصده اختيارا دقيقا، وكان قائدا تعرضيا، يطبق مبدأ المباغتة على خصمه، ويحرمه من تطبيق هذا المبدأ على رجاله، يحشد