ونزل، فمرض خمسة أيام، وتوفي ليلة الجمعة بين العشاءين الثالث عشر من رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة في داره بقطفتا. وحكت لي أمي أنها سمعته يقول قبل موته: أيش أعمل بطواويس؟ يرددها، قد جبتم لي هذه الطواويس.
وحضر غسله شيخنا ابن سكينة وقت السحر، وغلقت الأسواق، وجاء الخلق، وصلى عليه ابنه أبو القاسم علي اتفاقا، لأن الأعيان لم يقدروا من الوصول إليه، ثم ذهبوا به إلى جامع المنصور، فصلوا عليه، وضاق بالناس، وكان يوما مشهودا، فلم يصل إلى حفرته بمقبرة أحمد إلى وقت صلاة الجمعة، وكان في تموز، وأفطر خلق، ورموا نفوسهم في الماء. إلى أن قال: وما وصل إلى حفرته من الكفن إلا قليل، كذا قال، والعهدة عليه وأنزل في الحفرة، والمؤذن يقول الله أكبر، وحزن عليه الخلق، وباتوا عند قبره طول شهر رمضان يختمون الختمات، بالشمع والقناديل، ورآه في تلك الليلة المحدث أحمد بن سلمان السكر في النوم وهو على منبر من ياقوت، وهو جالس في مقعد صدق والملائكة بين يديه.
وأصبحنا يوم السبت عملنا العزاء، وتكلمت فيه، وحضر خلق عظيم، وعملت فيه المراثي ومن العجائب أنا كنا بعد انقضاء العزاء يوم السبت عند قبره، وإذا بخالي محيي الدين قد صعد من الشط، وخلفه تابوت، فقلنا: نرى من مات، وإذا بها خاتون أم محيي الدين، وعهدي بها ليلة وفاة جدي في عافية، فعد الناس هذا من كراماته، لأنه كان مغرى بها. وأوصى جده أن يكتب على قبره: