وقد روي من وجوه متعددة، أن أبا بكر بن عياش مكث نحوا من أربعين سنة يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة. وهذه عبادة يخضع لها، ولكن متابعة السنة أولى. فقد صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عبد الله بن عمرو أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث. وقال عليه السلام: لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث.
قال أبو العباس بن مسروق: حدثنا يحيى الحماني، قال: لما حضرت أبا بكر الوفاة، بكت أخته، فقال لها: ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية، فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة.
قال سفيان بن عيينة: قال لي أبو بكر بن عياش: رأيت الدنيا في النوم عجوزا مشوهة.
وروى ابن أبي الدنيا، عن محمد بن عبيد القرشي - وهو والده، إن شاء الله - قال: قال أبو بكر بن عياش: وددت أنه صفح لي عما كان مني في الشباب، وأن يدي قطعتا. سئل أبو بكر عن القرآن فقال: هو كلام الله غير مخلوق. وعن أبي بكر قال: إمامنا يهمز (مؤصدة) فأشتهي أن أسد أذني إذا همزها.
قال أحمد بن يونس: قلت لأبي بكر بن عياش: لي جار رافضي قد مرض. قال: عده مثل ما تعود اليهودي والنصراني، لا تنوي فيه الأجر.
قال يوسف بن يعقوب الصفار: سمعت أبا بكر يقول: ولدت سنة سبع وتسعين. وأخذت رزق عمر بن عبد العزيز، ومكثت خمسة أشهر، ما شربت ماء، ما أشرب إلا النبيذ. قلت: النبيذ الذي هو نقيع التمر، ونقيع الزبيب، ونحو ذلك، والفقاع، حلال شربه، وأما نبيذ الكوفيين الذي يسكر كثيره، فحرام الإكثار منه عند الحنفية وسائر العلماء، وكذلك يحرم يسيره عند الجمهور، ويترخص فيه الكوفيون، وفي تحريمه عدة أحاديث.