فلم نزل نمشي حتى نفد ما كان معنا من الماء والقوت، فجعلنا نمشي جياعا على شط البحر، حتى دفعنا إلى سلحفاة مثل الترس، فعمدنا إلى حجر كبير، فضربنا على ظهرها، فانفلق، فإذا فيها مثل صفرة البيض، فتحسيناه حتى سكن عنا الجوع، ثم وصلنا إلى مدينة الراية، وأوصلنا الكتاب إلى عاملها، فأنزلنا في داره، فكان يقدم لنا كل يوم القرع، ويقول لخادمه: هاتي لهم اليقطين المبارك. فيقدمه مع الخبز أياما، فقال واحد منا: ألا تدعو باللحم المشئوم؟! فسمع صاحب الدار، فقال: أنا أحسن بالفارسية، فإن جدتي كانت هروية، وأتانا بعد ذلك باللحم، ثم زودنا إلى مصر. وسمعت أبي يقول: كتبت الحديث سنة تسع، وأنا ابن أربع عشرة سنة، وكتبت عن عتاب بن زياد المروزي سنة عشر، فلما قدم علينا حاجا وكنت أفيد الناس عن أبي عبد الرحمن المقرئ، وأنا بالري، فيخرج الناس إليه، فيسمعون منه، ويرجعون وأنا بالري. وسمعت أبي يقول: كتبت عند عارم وهو يقرأ. وكتبت عند عمرو بن مرزوق وهو يقرأ، وسرت من الكوفة إلى بغداد، ما لا أحصي كم مرة.
ابن حبان: أخبرني محمد بن المنذر، حدثنا محمد بن إدريس، قال: كان أبو نعيم يوما جالسا، ورجل في ناحية المجلس يقول: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا ابن جريج، قال: فنظر إليه أبو نعيم، وقال: كذب الدجال، ما سمعت من ابن جريج شيئا.