للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الرازي: وحدثني إبراهيم بن محمد بن صالح، قال: لما رجع أحمد بن الموفق من وقعة الطواحين إلى دمشق، من محاربة خمارويه بن أحمد بن طولون -يعني بعد موت أبيه أحمد، وذلك في سنة إحدى وسبعين- قال لأبي عبد الله الواسطي: انظر ما انتهى إليك ممن كان يبغضنا فليحمل.

فحمل يزيد بن عبد الصمد، وأبو زرعة الدمشقي، والقاضي أبو زرعة بن عثمان، حتى صاروا بهم مقيدين إلى أنطاكية، فبينا أحمد بن أبي الموفق -وهو المعتضد- يسير يوما، إذ بصر بمحامل هؤلاء، فقال للواسطي: من هؤلاء؟ قال: أهل دمشق. قال: وفي الأحياء هم؟ إذا نزلت فاذكرني بهم.

قال ابن صالح: فحدثنا أبو زرعة الدمشقي، قال: فلما نزل، أحضرنا بعد أن فكت القيود، وأوقفنا مذعورين، فقال: أيكم القائل: قد نزعت أبا أحمق؟ قال: فربت ألسنتنا حتى خيل إلينا أننا مقتولون فأما أنا: فأبلست وأما ابن عبد الصمد: فخرس، وكان تمتاما، وكان أبو زرعة القاضي أحدثنا سنا، فقال: أصلح الله الأمير. فالتفت إليه الواسطي، فقال: أمسك حتى يتكلم أكبر منك.

ثم عطف علينا، وقال: ماذا عندكم؟ فقلنا: أصلحك الله! هذا رجل متكلم يتكلم عنا، قال: تكلم: فقال: والله ما فينا هاشمي، ولا قرشي صحيح، ولا عربي فصيح، ولكنا قوم ملكنا حتى قهرنا.

وروى أحاديث كثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في السمع والطاعة، في المنشط والمكره، وأحاديث في العفو والإحسان، وكان هو الذي تكلم بالكلمة التي نطالب بخزيها، ثم قال: أصلح الله الأمير، وأشهدك أن نسواني طوالق، وعبيدي أحرار، ومالي حرام إن كان في هؤلاء القوم أحد قال هذه الكلمة، ووراءنا عيال وحرم، وقد تسامع الناس بهلاكنا، وقد قدرت، وإنما العفو بعد المقدرة.