قال إبراهيم بن محمد النساج: سمعت إبراهيم الحربي يقول: أدركت ثلاثة تعجز النساء أن يلدن مثلهم: رأيت أبا عبيد، ما مثلته إلا بجبل نفخ فيه روح، ورأيت بشر بن الحارث، ما شبهته إلا برجل عجن من قرنه إلى قدمه عقلا، ورأيت أحمد بن حنبل، فرأيت كأن الله قد جمع له علم الأولين، فمن كل صنف يقول ما شاء، ويمسك ما شاء.
قال مكرم بن أحمد: قال إبراهيم الحربي: كان أبو عبيد كأنه جبل نفخ فيه الروح، يحسن كل شيء إلا الحديث صناعة أحمد ويحيى.
وكان أبو عبيد يؤدب غلاما في شارع بشر، ثم اتصل بثابت بن نصر الخزاعي يؤدب ولده، ثم ولي ثابت طرسوس ثماني عشرة سنة، فولى أبا عبيد قضاء طرسوس ثماني عشرة سنة، فاشتغل عن كتابة الحديث. كتب في حداثته عن هشيم وغيره، فلما صنف، احتاج إلى أن يكتب عن يحيى بن صالح، وهشام بن عمار.
وأضعف كتبه كتاب " الأموال " يجيء إلى باب فيه ثلاثون حديثا، وخمسون أصلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيجيء بحديث، حديثين، يجمعهما من حديث الشام، ويتكلم في ألفاظهما، وليس له كتاب ك " غريب المصنف ".
وانصرف يوما من الصلاة، فمر بدار إسحاق الموصلي، فقالوا له: يا أبا عبيد، صاحب هذه الدار يقول: إن في كتابك " غريب المصنف " ألف حرف خطأ. فقال: كتاب فيه أكثر من مائة ألف يقع فيه ألف ليس بكثير؟! ولعل إسحاق عنده رواية، وعندنا رواية، فلم يعلم، فخطأنا، والروايتان صواب، ولعله أخطأ في حروف، وأخطأنا في حروف، فيبقى الخطأ يسيرا.
وكتاب " غريب الحديث " فيه أقل من مائتي حرف: سمعت، والباقي: قال الأصمعى، وقال أبو عمرو، وفيه خمسة وأربعون حديثا لا أصل لها، أتي فيها أبو عبيد من أبي عبيدة معمر بن المثنى.
قال الخطيب فيما أنبأنا ابن علان، أخبرنا الكندي، عن الشيباني، عنه، حدثني العلاء بن أبي المغيرة، أخبرنا علي بن بقاء