قلت: معنى هذا أنه إذا روى شيئا عن عمر أو أبي هريرة مثلا مرسلا لا يدري من الذي حدثه به، بخلاف تدليس الحسن البصري ; فإنه كان يأخذ عن كل ضرب، ثم يسقطهم كعلي بن زيد تلميذه.
ويروى أن أبا قلابة عطش وهو صائم فأكرمه الله لما دعا، بأن أظلته سحابة وأمطرت على جسده، فذهب عطشه.
قال سلمة بن واصل: مات أبو قلابة - رحمه الله - بالشام، فأوصى بكتبه لأيوب السختياني، فحملت إليه.
وقال أيوب: فلما جاءتني الكتب أخبرت ابن سيرين، وقلت له: أحدث منها؟ قال: نعم، ثم قال: لا آمرك ولا أنهاك.
وقيل: إن أيوب وزن كراء حملها بضعة عشر درهما. فقال حماد بن زيد: جيء بها في عدل راحلة.
وقد أخبرني عبد المؤمن - شيخنا - أن أبا قلابة ممن ابتلي في بدنه ودينه، أريد على القضاء، فهرب إلى الشام، فمات بعريش مصر سنة أربع وقد ذهبت يداه ورجلاه، وبصره، وهو مع ذلك حامد شاكر.
وكذا أرخ موته شباب وأبو عبيد، وقال الواقدي: سنة أربع أو خمس ومائة.
وقال يحيى بن معين: مات سنة ست أو سبع ومائة. وقال الهيثم بن عدي: مات سنة سبع.
أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه في كتابه، أنبأنا عبد القادر الحافظ، أنبأنا نصر بن سيار، أنبأنا محمود الأزدي، أنبأنا عبد الجبار الجراحي، أنبأنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ; ألا وإن لكل أمة أمينا، ألا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح " هذا حديث حسن صحيح.