للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: من بغداد. قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل؟ فقلت: أنا من أصحابه. قال: تكتب لي موضع منزلك؟ فإني أريد أوافي العراق، حتى تجمع بيننا. فكتبت له، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة ومائتين إلى عفان، فسأل عني، فلقيني، فقال: الموعد الذي بيني وبينك؟ فذهبت به إلى أحمد بن حنبل، واستأذنت له، فقلت: أحمد بن صالح بالباب فأذن له، فقام إليه، ورحب به وقربه. ثم قال له: بلغني أنك جمعت حديث الزهري، فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر، حتى فرغا، فما رأيت أحسن من مذاكرتهما. ثم قال أحمد بن حنبل: تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد الصحابة. فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر إلى أن قال لأحمد بن صالح: عند الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما يسرني أن لي حمر النعم، وأن لي حلف المطيبين فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ، وتذكر مثل هذا؟! فجعل أحمد يتبسم، ويقول: رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح عبد الرحمن بن إسحاق. فقال: من رواه عن عبد الرحمن؟ فقال: حدثناه ثقتان: إسماعيل ابن علية، وبشر بن المفضل، فقال أحمد بن صالح: سألتك بالله إلا أمليته علي، فقال أحمد: من الكتاب. فقام ودخل، فأخرج الكتاب، وأملى عليه، فقال أحمد بن صالح: لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث لكان كثيرا، ثم ودعه وخرج.