وكان عمرو رجلا قصيرا وكان عمارة رجلا جميلا، وكانا أقبلا في البحر إلى النجاشي، فشرب مع عمرو وامرأته، فلما شربوا من الخمر قال عمارة: لعمرو: مر امرأتك فلتقبلني. قال: ألا تستحي؟ فأخذ عمارة عمرا يرمي به في البحر، فجعل عمرو يناشده حتى تركه، فحقد عليه عمرو، فقال للنجاشي: إنك إذا خرجت، خلفك عمارة في أهلك. فدعا بعمارة، فنفخ في إحليله، فطار مع الوحش.
وعن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، قال: مكر عمرو بعمارة فقال: يا عمارة إنك رجل جميل، فاذهب إلى امرأة النجاشي، فتحدث عندها إذا خرج زوجها، فإن ذلك عون لنا في حاجتنا. فراسلها عمارة حتى دخل عليها. فانطلق عمرو إلى النجاشي فقال: إن صاحبي صاحب نساء، وإنه يريد أهلك. فبعث النجاشي إلى بيته، فإذا هو عند أهله. فأمر به، فنفخ في إحليله، سحره، ثم ألقاه في جزيرة من جزائر البحر، فجن، واستوحش مع الوحش.
ابن إسحاق: عن يزيد بن رومان، عن عروة عن عائشة قالت: لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور.
فأما عمارة، فإنه بقي إلى خلافة عمر مع الوحوش، فدل عليه أخوه، فسار إليه وتحين وقت وروده الماء، فلما رأى أخاه فر، فوثب وأمسكه، فبقي يصيح: أرسلني يا أخي، فلم يرسله، فخارت قوته من الخوف، ومات في الحال. فعداده في المجانين الذين يبعثون على ما كانوا عليه قبل ذهاب العقل، فيبعث هذا المعثر على الكفر والعداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسأل الله المغفرة.