إسرائيل: عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننطلق مع جعفر إلى أرض النجاشي، فبلغ ذلك قريشا، فبعثوا عمرا وعمارة بن الوليد، وجمعوا للنجاشي هدية. فقدما عليه، وأتياه بالهدية، فقبلها وسجدا له، ثم قال عمرو: إن ناسا من أرضنا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك. قال: في أرضي؟ قال: نعم.
فبعث إلينا، فقال لنا جعفر: لا يتكلم منكم أحد أنا خطيبكم اليوم. فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلس عظيم، وعمرو عن يمينه، وعمارة عن يساره، والقسيسون والرهبان جلوس سماطين، وقد قال له عمرو: إنهم لا يسجدون لك. فلما انتهينا بدرنا من عنده أن اسجدوا، قلنا: لا نسجد إلا لله - عز وجل.
فلما انتهينا إلى النجاشي، قال: ما منعك أن تسجد؟ قال: لا نسجد إلا لله. قال: وما ذاك؟ قال: إن الله بعث فينا رسولا وهو الذي بشر به عيسى، فقال: يأتي من بعدي اسمه أحمد، فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا، ونقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، وأمرنا بالمعروف، ونهانا عن المنكر. فأعجب النجاشي قوله، فلما رأى ذلك عمرو، قال: أصلح الله الملك، إنهم يخالفونك في ابن مريم. فقال النجاشي لجعفر: ما يقول صاحبكم في ابن مريم؟ قال: يقول فيه قول الله: هو روح الله وكلمته، أخرجه من البتول العذراء التي لم يقربها بشر، ولم يفرضها ولد. فتناول عودا، فرفعه فقال: يا معشر القسيسين والرهبان، ما يزيد على ما تقولون في ابن مريم ما تزن هذه. مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي بشر به عيسى، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أقبل نعله، امكثوا في أرضي ما شئتم. وأمر لنا بطعام وكسوة، وقال: ردوا على هذين هديتهما.