للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصول الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا الله، ولا نكفر مسلما بذنب، والإيمان بالأقدار (١)»] أو كما قال صلى الله عليه وسلم اه.

وبمراجعتنا لهذا الحديث في الأصول المعتبرة اتضح أنه ضعيف جدا، وقد رمز له السيوطي في الجامع بعلامة الضعف، وأخرجه أبو داود من طريق يزيد بن أبي نشبة عن أنس رضي الله عنه، ويزيد هذا مجهول كما في التهذيب والتقريب. قال المناوي في فيض القدير [يزيد بن أبي نشبة بضم النون لم يخرج له أحد من الستة غير أبي داود وهو مجهول كما قال المزي وغيره].

وبهذا يعلم أن جزم الأخ الصابوني بأنه صحيح ليس في محله، والأولى أن يقال في مثل هذا: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فينقل بصيغة التمريض، كما نص عليه أهل العلم في رواية الأحاديث الضعيفة، ولم يسق الأخ الصابوني لفظه كما ورد، وإليك أيها القارئ نصه عند أبي داود لمزيد الفائدة: (حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو معاوية، حدثنا جعفر بن برقان، عن يزيد بن أبي نشبة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة من أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا الله، ولا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار (٢)» اه.

وهذا الذي دل عليه الحديث قد جاء في معناه أحاديث أخرى صحيحة، والقول بمعناه هو قول أهل السنة والجماعة؛ فإن أهل السنة يعتقدون أن من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والتزم بمعناهما ولم يأت بناقض من نواقض الإسلام فإنه يجب الكف عنه، وحسابه على الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنهما «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل (٣)»، ومن عقيدة أهل السنة أن المسلم لا يكفر بذنب من الذنوب التي دون الشرك ولا يخرج من الإسلام بعمل من الأعمال التي لا تلحقه بالمشركين خلافا للخوارج؛ لقول الله عز وجل:


(١) سنن أبو داود الجهاد (٢٥٣٢).
(٢) سنن أبو داود الجهاد (٢٥٣٢).
(٣) صحيح البخاري الإيمان (٢٥)، صحيح مسلم الإيمان (٢٢).