للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (١)، وكان الأخ الصابوني ذكر هذا الحديث ليستدل به على وجوب الكف عن الكلام في الأشاعرة وبيان ما أخطأوا فيه، وهكذا ما أخطأ فيه غيرهم من الفرق الإسلامية، وليس الأمر كما زعم فإن الحديث المذكور - لو صح - لا يدل على شرعية الكف عمن خالف الحق، كما أنه لا يدل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبيان ما أخطأ فيه المخطئون، وغلط فيه الغالطون من الأشاعرة وغيرهم، بل الأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة كلها تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإنكار على من خالف الحق وإرشاده إلى طريق الصواب حتى يهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، كما بينا ذلك فيما سبق، وإنما المقصود من الحديث -لو صح- الكف عن قتال من أظهر الإسلام وتكلم بكلمة التوحيد حتى ينظر في أمره بعد ذلك، ويعامل بما يستحق حسب الأدلة الشرعية كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة التي أشرنا إليها آنفا، والله سبحانه ولي التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وهذا آخر ما تيسر التنبيه عليه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وصفوته من خلقه إمام المجاهدين ورسول رب العالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

عبد العزيز بن عبد الله بن باز


(١) سورة النساء الآية ٤٨