وبه: قال الخطيب: أنبأنا الجوهري، أنبأنا المرزباني، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو العيناء، قال: لما حج المهدي، دخل مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يبق أحد إلا قام، إلا ابن أبي ذئب، فقال له المسيب بن زهير: قم، هذا أمير المومنين. فقال: إنما يقوم الناس لرب العالمين. فقال المهدي: دعه، فلقد قامت كل شعرة في رأسي.
وبه: قال أبو العيناء: وقال ابن أبي ذئب للمنصور: قد هلك الناس، فلو أعنتهم من الفيء. فقال: ويلك، لولا ما سددت من الثغور، لكنت تؤتى فى منزلك، فتذبح. فقال ابن أبي ذئب: قد سد الثغور، وأعطى الناس من هو خير منك: عمر - رضي الله عنه - فنكس المنصور رأسه - والسيف بيد المسيب - ثم قال: هذا خير أهل الحجاز.
قال أحمد بن حنبل: ابن أبي ذئب ثقة. قد دخل على أبي جعفر المنصور، فلم يهله أن قال له الحق. وقال: الظلم ببابك فاش، وأبو جعفر أبو جعفر.
قال مصعب الزبيري: كان ابن أبي ذئب فقيه المدينة.
وقال البغوي: حدثنا هارون بن سفيان قال: قال أبو نعيم: حججت عام حج أبو جعفر ومعه ابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، فدعا ابن أبي ذئب، فأقعده معه على دار الندوة، فقال له: ما تقول في الحسن بن زيد بن حسن - يعني أمير المدينة -؟ فقال: إنه ليتحرى العدل. فقال له: ما تقول في - مرتين -؟ فقال: ورب هذه البنية إنك لجائر. قال: فأخذ الربيع الحاجب بلحيته، فقال له أبو جعفر: كف يا ابن اللخناء ثم أمر لابن أبي ذئب بثلاث مائة دينار.
قال محمد بن المسيب الأرغياني سمعت يونس بن عبد الأعلى، سمعت الشافعي يقول: ما فاتني أحد، فأسفت عليه ما أسفت على الليث بن سعد وابن أبي ذئب.
قلت: أما فوات الليث، فنعم، وأما ابن أبي ذئب، فما فرط في الارتحال إليه ; لأنه مات وللشافعي تسعة أعوام.