وقال موسى بن عبد الرحمن القطان: لو سمعتم سعيد بن الحداد في تلك المحافل -يعني مناظرته للشيعي - وقد اجتمع له جهارة الصوت، وفخامة المنطق، وفصاحة اللسان، وصواب المعاني، لتمنيتم أن لا يسكت.
وقيل: إن ابن الحداد تحول شافعيا من غير تقليد، ولا يعتقد مسألة إلا بحجة. وكان حسن البزة، لكنه كان يتقوت باليسير، ولم يحج، وكان كثير الرد على الكوفيين.
وقيل: إنه سار لتلقي أبي عبد الله الشيعي، فقال له: يا شيخ، بم كنت تقضي؟ فقال إبراهيم بن يونس: بالكتاب والسنة. قال: فما السنة؟ قال: السنة السنة. قال ابن الحداد: فقلت للشيعي: المجلس مشترك أم خاص؟ قال: مشترك. فقلت: أصل السنة في كلام العرب المثال، قال الشاعر:
تريك سنة وجه غير مقرفة
ملساء ليس بها خال ولا ندب
أي: صورة وجه ومثاله. والسنة محصورة في ثلاث: الائتمار بما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم-، والانتهاء عما نهى عنه، والائتساء بما فعل.
فقال الشيعي: فإن اختلف عليك النقل، وجاءت السنة من طرق؟ قلت: أنظر إلى أصح الخبرين، كشهود عدول اختلفوا في شهادة، قال: فلو استووا في الثبات؟ قلت: يكون أحدهما ناسخا للآخر. قال: فمن أين قلتم بالقياس؟ قلت: من كتاب الله يحكم به ذوا عدل منكم.
فالصيد معلومة عينه، فالجزاء أمرنا أن نمثله بشيء من النعم، ومثله في تثبيت القياس: لعلمه الذين يستنبطونه والاستنباط غير منصوص.