ثم عطف على موسى القطان فقال: أين وجدتم حد الخمر في كتاب الله، تقول: اضربوه بالأردية وبالأيدي ثم بالجريد؟. فقلت أنا: إنما حد قياسا على حد القاذف ; لأنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى فأوجب عليه ما يئول إليه أمره. قال: أولم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وأقضاكم علي. . فساق له موسى تمامه وهو: وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ، وأرأفكم أبو بكر، وأشدكم في دين الله عمر.
قال: كيف يكون أشدهم وقد هرب بالراية يوم خيبر؟ قال موسى: ما سمعنا بهذا. فقلت: إنما تحيز إلى فئة فليس بفار.
وقال في: لا تحزن إن الله معنا إنما نهاه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حزنه ; لأنه كان مسخوطا. قلت: لم يكن قوله إلا تبشيرا بأنه آمن على رسول الله وعلى نفسه، فقال أين نظير ما قلت؟ قلت: قوله لموسى وهارون: لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى فلم يكن خوفهما من فرعون خوفا بسخط الله.
ثم قال: يا أهل البلدة: إنكم تبغضون عليا؟ قلت: على مبغضه لعنة الله. فقال: صلى الله عليه. قلت: نعم، ورفعت صوتي: صلى الله عليه وسلم ; لأن الصلاة في خطاب العرب الرحمة والدعاء. قال: ألم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ قلت: نعم، إلا أنه قال: إلا أنه لا نبي بعدي وهارون كان حجة في حياة موسى، وعلي لم يكن حجة في حياة النبي، وهارون فكان شريكا، أفكان علي شريكا للنبي -صلى الله عليه وسلم- في النبوة؟! وإنما أراد التقريب والوزارة والولاية.
قال: أوليس هو أفضل؟ قلت: أليس الحق متفقا عليه؟ قال: نعم. قلت: قد ملكت مدائن قبل مدينتنا، وهي أعظم مدينة، واستفاض عنك أنك لم تكره أحدا على مذهبك، فاسلك بنا مسلك غيرنا ونهضنا.