للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو بكر محمد بن طرخان: قال لي أبو محمد بن العربي: صحبت ابن حزم سبعة أعوام، وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب " الفصل " وقرأنا من كتاب " الإيصال " له أربع مجلدات ولم يفتني شيء من تواليفه سوى هذا.

كان القاضي أبو بكر ممن يقال: إنه بلغ رتبة الاجتهاد.

قال ابن النجار: حدث ببغداد بيسير، وصنف في الحديث والفقه والأصول علوم القرآن والأدب والنحو والتواريخ، واتسع حاله، وكثر إفضاله، ومدحته الشعراء، وعلى بلده سور أنشأه من ماله.

وقد ذكره الأديب أبو يحيى اليسع بن حزم، فبالغ في تقريظه، وقال: ولي القضاء فمحن، وجرى في أعراض الإمارة فلحن وأصبح تتحرك بآثاره الألسنة، ويأتي بما أجراه عليه القدر النوم والسنة، وما أراد إلا خيرا، نصب السلطان عليه شباكه، وسكن الإدبار حراكه، فأبداه للناس صورة تذم، وسورة تتلى لكونه تعلق بأذيال الملك، ولم يجر مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحزبهم ; بل داهن، ثم انتقل إلى قرطبة معظما مكرما حتى حول إلى العدوة، فقضى نحبه.

قرأت بخط ابن مسدي في " معجمه "، أخبرنا أحمد بن محمد بن مفرج النباتي سمعت ابن الجد الحافظ وغيره يقولون: حضر فقهاء إشبيلية: أبو بكر بن المرجى وفلان وفلان، وحضر معهم ابن العربي، فتذاكروا حديث المغفر، فقال ابن المرجى: لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهري. فقال ابن العربي: قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق مالك فقالوا: أفدنا هذا. فوعدهم، ولم يخرج لهم شيئا، وفي ذلك يقول خلف بن خير الأديب:

يا أهل حمص ومن بها أوصيكم

بالبر والتقوى وصية مشفق

فخذوا عن العربي أسمار الدجى

وخذوا الرواية عن إمام متق

إن الفتى حلو الكلام مهذب

إن لم يجد خبرا صحيحا يخلق