للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقبل منهم، فبعث إلى أبي عمرو الحيري لاسترجاع خطه منه، فامتنع عليه أبو عمرو، ولم يرده حتى مات ابن خزيمة، وقد أوصيت أن يدفن معي، فأحاجه بين يدي الله -تعالى- فيه وهو: القرآن كلام الله تعالى، وصفة من صفات ذاته، ليس شيء من كلامه مخلوقا، ولا مفعولا، ولا محدثا، فمن زعم أن شيئا منه مخلوق أو محدث، أو زعم أن الكلام من صفة الفعل، فهو جهمي ضال مبتدع، وأقول: لم يزل الله متكلما، والكلام له صفة ذات، ومن زعم أن الله لم يتكلم إلا مرة، ولم يتكلم إلا ما تكلم به، ثم انقضى كلامه، كفر بالله، وأنه ينزل تعالى إلى سماء الدنيا فيقول: هل من داع فأجيبه.

فمن زعم أن علمه تنزل أوامره ضل، ويكلم عباده بلا كيف الرحمن على العرش استوى لا كما قالت الجهمية إنه على الملك احتوى، ولا استولى. وإن الله يخاطب عباده عودا وبدءا، ويعيد عليهم قصصه وأمره ونهيه، ومن زعم غير ذلك، فهو ضال مبتدع. وساق سائر الاعتقاد.

قلت: كان أبو بكر الصبغي هذا عالم وقته، وكبير الشافعية بنيسابور، حمل عنه الحاكم علما كثيرا.

ولابن خزيمة ترجمة طويلة في " تاريخ نيسابور " تكون بضعا وعشرين ورقة، من ذلك وصيته، وقصيدتان رثي بهما.

وضبط وفاته في ثاني ذي القعدة سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، عاش تسعا وثمانين سنة. وقد سمعنا " مختصر المختصر " له عاليا بفوت لي.

وفيها مات: أبو جعفر بن حمدان الحيري -صاحب الصحيح-، وأبو جعفر أحمد بن عمرو الإلبيري -حافظ أهل الأندلس-، وشيخ الحنابلة أبو بكر الخلال، وشيخ الصوفية بالعراق أبو محمد أحمد بن محمد الجريري، وقيل: اسمه حسن، وشيخ العربية أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج البغدادي، وصدر الوزراء حامد بن العباس، وحماد بن شاكر النسفي - صاحب البخاري.