للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال السمعاني: أبو القاسم كثير العلم، غزير الفضل، حافظ متقن، دين خير، حسن السمت، جمع بين معرفة المتون والأسانيد، صحيح القراءة، متثبت محتاط. . . إلى أن قال: جمع ما لم يجمعه غيره، وأربى على أقرانه، دخل نيسابور قبلي بشهر، سمعت منه، وسمع مني، وسمعت منه " معجمه "، وحصل لي بدمشق نسخة به، وكان قد شرع في " التاريخ الكبير " لدمشق، ثم كانت كتبه تصل إلي، وأنفذ جوابها.

سمعت الحافظ علي بن محمد يقول: سمعت الحافظ أبا محمد المنذري يقول: سألت شيخنا أبا الحسن علي بن المفضل الحافظ عن أربعة تعاصروا، فقال: من هم؟ قلت: الحافظ ابن عساكر، والحافظ ابن ناصر، فقال: ابن عساكر أحفظ. قلت: ابن عساكر وأبو موسى المديني؟ قال: ابن عساكر. قلت: ابن عساكر وأبو طاهر السلفي؟ فقال: السلفي شيخنا، السلفي شيخنا.

قلت: لوح بأن ابن عساكر أحفظ، ولكن تأدب مع شيخه، وقال لفظا محتملا أيضا لتفضيل أبي طاهر، فالله أعلم.

وبلغنا أن الحافظ عبد الغني المقدسي بعد موت ابن عساكر نفذ من استعار له شيئا من " تاريخ دمشق "، فلما طالعه، انبهر لسعة حفظ ابن عساكر، ويقال: ندم على تفويت السماع منه، فقد كان بين ابن عساكر وبين المقادسة واقع، رحم الله الجميع.

ولأبي علي الحسين بن عبد الله بن رواحة يرثي الحافظ ابن عساكر:

ذرا السعي في نيل العلى والفضائل

مضى من إليه كان شد الرواحل

وقولا لساري البرق إني نعيته

بنار أسى أو دمع سحب هواطل

وما كان إلا البحر غار ومن يرد

سواحله لم يلق غير جداول

وهبكم رويتم علمه عن رواته

وليس عوالي صحبه بنوازل

فقد فاتكم نور الهدى بوفاته

وعز التقى منه ونجح الوسائل

خلت سنة المختار من ذب ناصر

فأقرب ما نخشاه بدعة خاذل

نحا للإمام الشافعي مقالة

فأصبح شافي عي كل مجادل

وسد من التجسيم باب ضلالة