قال الضياء: كان حسن الأخلاق لا يكاد يراه أحد إلا متبسما، يحكي الحكايات ويمزح. وسمعت البهاء يقول: كان الشيخ في القراءة يمازحنا وينبسط. وكلموه مرة في صبيان يشتغلون عليه، فقال: هم صبيان ولا بد لهم من اللعب، وأنتم كنتم مثلهم. وكان لا ينافس أهل الدنيا، ولا يكاد يشكو، وربما كان أكثر حاجة من غيره، وكان يؤثر.
وسمعت البهاء يصفه بالشجاعة، وقال: كان يتقدم إلى العدو وجرح في كفه، وكان يرامي العدو.
قال الضياء: وكان يصلي بخشوع، ولا يكاد يصلي سنة الفجر والعشائين إلا في بيته، وكان يصلي بين العشائين أربعا " بالسجدة "، و " يس "، و " الدخان "، و " تبارك "، لا يكاد يخل بهن، ويقوم السحر بسبع وربما رفع صوته، وكان حسن الصوت.
وسمعت الحافظ اليونيني يقول: لما كنت أسمع شناعة الخلق على الحنابلة بالتشبيه عزمت على سؤال الشيخ الموفق، وبقيت أشهرا أريد أن أسأله، فصعدت معه الجبل فلما كنا عند دار ابن محارب قلت: يا سيدي، وما نطقت بأكثر من سيدي، فقال لي: التشبيه مستحيل، فقلت: لم؟ قال: لأن من شرط التشبيه أن نرى الشيء، ثم نشبهه، من الذي رأى الله ثم شبهه لنا؟
وذكر الضياء حكايات في كراماته.
وقال أبو شامة: كان إماما علما في العلم والعمل، صنف كتبا كثيرة، لكن كلامه في العقائد على الطريقة المشهورة عن أهل مذهبه، فسبحان من لم يوضح له الأمر فيها على جلالته في العلم ومعرفته بمعاني الأخبار.
قلت: وهو وأمثاله متعجب منكم مع علمكم وذكائكم كيف قلتم! وكذا كل فرقة تتعجب من الأخرى، ولا عجب في ذلك، ونرجو لكل من بذل جهده في تطلب الحق أن يغفر له من هذه الأمة المرحومة.