وأنبئونا عن زاهر الثقفي: أخبرنا الحسين الخلال، أنبأنا أبو الفوارس العنبري، سمع أبا الحسن علي بن الحسين الإسكاف، سمعت أبا عبد الله بن منده يقول: رأيت ثلاثين ألف شيخ، فعشرة آلاف ممن أروي عنهم، وأقتدي بهم، وعشرة آلاف أروي عنهم، ولا أقتدي بهم، وعشرة آلاف من نظرائي، وليس من الكل واحد إلا وأحفظ عنه عشرة أحاديث أقلها.
قلت: قوله: إنه كتب عن ألف وسبعمائة شيخ أصح، وهو شيء يقبله العقل، وناهيك به كثرة، وقل من يبلغ ما بلغه الطبراني، وشيوخه نحو من ألف، وكذا الحاكم، وابن مردويه، فالله أعلم.
قال الحاكم: أول خروج ابن منده إلى العراق من عندنا سنة تسع وثلاثين، فسمع بها وبالشام، وأقام بمصر سنين، وصنف التاريخ والشيوخ.
وقال عبد الله بن أحمد السوذرجاني: سمعت ابن منده يقول: كتبت عن ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من القاضي أبي أحمد العسال.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا عبد العظيم الحافظ، أخبرنا علي بن المفضل، أخبرنا السلفي، أخبرنا طاهر المقدسي، سمعت سعد بن علي الحافظ بمكة وسئل عن الدارقطني، وابن منده، والحاكم، وعبد الغني فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل، وأما ابن منده فأكثرهم حديثا مع المعرفة التامة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا، وأما عبد الغني فأعرفهم بالأنساب.
قلت: بقي أبو عبد الله في الرحلة بضعا وثلاثين سنة، وأقام زمانا بما وراء النهر وكان ربما عمل التجارة، ثم رجع إلى بلده وقد صار في عشر السبعين، فولد له أربعة بنين: عبد الرحمن، وعبيد الله، وعبد الرحيم، وعبد الوهاب.