وقال الرازي: وسمعت علي بن أحمد الخوارزمي يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: كنا بمصر سبعة أشهر، لم نأكل فيها مرقة، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ، وبالليل: النسخ والمقابلة. قال: فأتينا يوما أنا ورفيق لي شيخا، فقالوا: هو عليل، فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا، فاشتريناه، فلما صرنا إلى البيت، حضر وقت مجلس، فلم يمكنا إصلاحه، ومضينا إلى المجلس، فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام، وكاد أن يتغير، فأكلناه نيئا، لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه. ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.
قال الخطيب الرازي: كان لعبد الرحمن ثلاث رحلات: الأولى مع أبيه سنة خمسين، وسنة ست، ثم حج وسمع محمد بن حماد في سنة اثنتين، ثم رحل بنفسه إلى السواحل والشام ومصر، سنة اثنتين وستين ومائتين، ثم رحل إلى أصبهان، في سنة أربع وستين، فلقي يونس بن حبيب. سمعت الواعظ أبا عبد الله القزويني يقول: إذا صليت مع عبد الرحمن فسلم إليه نفسك، يعمل بها ما شاء. دخلنا يوما بغلس على عبد الرحمن في مرض موته، فكان على الفراش قائما يصلي، وركع فأطال الركوع.
ومن كلامه: قال: وجدت ألفاظ التعديل والجرح مراتب: فإذا قيل: ثقة: أو: متقن. احتج به، وإن قيل: صدوق، أو: محله الصدق، أو: لا بأس به، فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه وهي المنزلة الثانية، وإذا قيل: شيخ، فيكتب حديثه، وهو دون ما قبله، وإذا قيل: صالح الحديث، فيكتب حديثه وهو دون ذلك يكتب للاعتبار، وإذا قيل: لين، فدون ذلك، وإذا قالوا: ضعيف الحديث، فلا يطرح حديثه، بل يعتبر به، فإذا قالوا: متروك الحديث، أو: ذاهب الحديث، أو: كذاب، فلا يكتب حديثه.