قال عمر بن إبراهيم الهروي الزاهد: حدثنا الحسين بن أحمد الصفار، سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: وقع عندنا الغلاء، فأنفذ بعض أصدقائي حبوبا من أصبهان، فبعته بعشرين ألفا، وسألني أن أشتري له دارا عندنا، فإذا جاء ينزل فيها، فأنفقتها في الفقراء، وكتبت إليه: اشتريت لك بها قصرا في الجنة، فبعث يقول: رضيت، فاكتب على نفسك صكا، ففعلت، فأريت في المنام: قد وفينا بما ضمنت، ولا تعد لمثل هذا.
قال الإمام أبو الوليد الباجي: عبد الرحمن بن أبي حاتم ثقة حافظ. وقال أبو الربيع محمد بن الفضل البلخي: سمعت أبا بكر محمد بن مهرويه الرازي، سمعت علي بن الحسين بن الجنيد، سمعت يحيى بن معين يقول: إنا لنطعن على أقوام، لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة، من أكثر من مائتي سنة.
قلت: لعلها من مائة سنة، فإن ذلك لا يبلغ في أيام يحيى هذا القدر.
قال ابن مهرويه: فدخلت على عبد الرحمن بن أبي حاتم، وهو يقرأ على الناس كتاب:" الجرح والتعديل "، فحدثته بهذا، فبكى، وارتعدت يداه، حتى سقط الكتاب، وجعل يبكي، ويستعيدني الحكاية.
قلت: أصابه على طريق الوجل وخوف العاقبة، وإلا فكلام الناقد الورع في الضعفاء من النصح لدين الله، والذب عن السنة.
وقد كتب إلي عبد الرحمن بن محمد وجماعة، سمعوا عمر بن محمد يقول: أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان، أخبرنا أبو إسحاق المزكي أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الحنظلي، حدثنا هارون بن حميد، حدثنا الفضل بن عنبسة، أخبرنا شعبة عن الحكم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: الجار أحق بسقب داره أو أرضه أخرجه النسائي، عن زكريا خياط السنة، عن هارون هذا، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين.
توفي ابن أبي حاتم في المحرم، سنة سبع وعشرين وثلاثمائة بالري، وله بضع وثمانون سنة.