ثم إنه خرج وغاب عنا خمس سنين، بلغ إلى ما وراء النهر، ثم رجع إلى فارس، وأخذ يتكلم على الناس، ويعمل المجلس، ويدعو إلى الله تعالى، وصنف لهم تصانيف، وكان يتكلم على ما في قلوب الناس، فسمي بذلك حلاج الأسرار، ولقب به.
ثم قدم الأهواز وطلبني، فحملت إليه، ثم خرج إلى البصرة، ثم خرج إلى مكة ولبس المرقعة، وخرج معه خلق، وحسده أبو يعقوب النهرجوري، وتكلم فيه، ثم جاء إلى الأهواز، وحمل أمي وجماعة من كبار أهل الأهواز إلى بغداد، فأقام بها سنة. ثم قصد إلى الهند وما وراء النهر ثانيا، ودعا إلى الله، وألف لهم كتبا، ثم رجع، فكانوا يكاتبونه من الهند بالمغيث، ومن بلاد ماصين وتركستان بالمقيت، ومن خراسان بأبي عبد الله الزاهد، ومن خوزستان بالشيخ حلاج الأسرار.
وكان ببغداد قوم يسمونه المصطلم، وبالبصرة المحير، ثم كثرت الأقاويل عليه بعد رجوعه من هذه السفرة، فقام وحج ثالثا، وجاور سنتين، ثم رجع وتغير عما كان عليه في الأول، واقتنى العقار ببغداد، وبني دارا، ودعا الناس إلى معنى لم أقف عليه، إلا على شطر منه، ثم وقع بينه وبين الشبلي وغيره من مشايخ الصوفية، فقيل: هو ساحر. وقيل: هو مجنون. وقيل: هو ذو كرامات، حتى أخذه السلطان. انتهى كلام ولده.
وقال السلمي: إنما قيل له: الحلاج لأنه دخل واسطا إلى حلاج، وبعثه في شغل، فقال: أنا مشغول بصنعتي. فقال: اذهب أنت حتى أعينك. فلما رجع وجد كل قطن عنده محلوجا.
قال إبراهيم بن عمر بن حنظلة الواسطي السماك، عن أبيه: قال: دخل الحسين بن منصور واسطا، فاستقبله قطان، فكلفه الحسين إصلاح شغله والرجل يتثاقل فيه، فقال: اذهب فإني أعينك. فذهب، فلما رجع رأى كل قطن عنده محلوجا مندوفا، وكان أربعة وعشرين ألف رطل.