وقال أبو نصر السراج: صحب الحلاج عمرو بن عثمان، وسرق منه كتبا فيها شيء من علم التصوف، فدعا عليه عمرو: اللهم اقطع يديه ورجليه.
قال ابن الوليد: كان المشايخ يستثقلون كلامه، وينالون منه ; لأنه كان يأخذ نفسه بأشياء تخالف الشريعة، وطريقة الزهاد، وكان يدعي المحبة لله، ويظهر منه ما يخالف دعواه.
قلت: ولا ريب أن اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- علم لمحبة الله ; لقوله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. أبو عبد الرحمن السلمي: أخبرنا محمد بن الحضرمي، عن أبيه، قال: كنت جالسا عند الجنيد، إذ ورد شاب عليه خرقتان، فسلم وجلس ساعة، فأقبل عليه الجنيد، فقال له: سل ما تريد أن تسأل. فقال له: ما الذي باين الخليقة عن رسوم الطبع؟ فقال الجنيد له: أرى في كلامك فضولا، لم لا تسأل عما في ضميرك من الخروج والتقدم على أبناء جنسك؟ فأقبل الجنيد يتكلم، وأخذ هو يعارضه، إلى أن قال له الجنيد، أي خشبة تفسدها؟ يريد أنه يصلب.
قال السلمي: وسمعت أبا علي الهمذاني يقول: سألت إبراهيم بن شيبان عن الحلاج، فقال: من أحب أن ينظر إلى ثمرات الدعاوى الفاسدة فلينظر إلى الحلاج وما صار إليه.
أبو عبد الله بن باكويه: حدثنا أبو الفوارس الجوزقاني: حدثنا إبراهيم بن شيبان، قال: سلم أستاذي أبو عبد الله المغربي على عمرو بن عثمان، فجاراه في مسألة، فجرى في عرض الكلام أن قال: هاهنا شاب على جبل أبي قبيس. فلما خرجنا من عند عمرو صعدنا إليه، وكان وقت الهاجرة، فدخلنا عليه، فإذا هو جالس في صحن الدار على صخرة في الشمس، والعرق يسيل منه على الصخرة، فلما نظر إليه المغربي رجع وأشار بيده: ارجع؛ فنزلنا المسجد، فقال لي أبو عبد الله: إن عشت ترى ما يلقى هذا، قد قعد بحمقه يتصبر مع الله. فسألنا عنه، فإذا هو الحلاج.